اسم الكتاب: الديمقراطية وحق تقرير المصير القومي
د: سعد بشير اسكندر
*ان لمسالة حق تقرير المصير القومي اهمية سياسية بالغة في عالمنا اليوم بسبب عدم التناسب الجلي بين كثرة الامم والشعوب، من ناحية، وقلة عدد الكيانات السياسية الحديثة، من ناحيةثانية.
*من الصعب جدا الاعتقاد بوجود نظام سياسي غير ديمقراطي يحترم حق الجماعات الاثنية – اللغوية الاقلية في تقرير مصيرها. ولكن، هذا لا يعني، في نفس الوقت، ان جميع الدول الديمقراطية ( بما في ذالك الديمقراطيات الليبرالية العريقة في الغرب) تحترم حق  الجماعات المتميزة اثنيا وثقافيا في الاقاليم في رسم مستقبلها السياسي او في ادارة شؤونها الخاصة . في فرنسا، على سبيل المثال لا تؤمن النخب السياسية بمختلف اتجاهاتها الفكرية بنظام الحكم اللامركزي، بالرغم من وجود مطالب قديمة قدمتها عدة جماعات اثنية- لغوية حول ضرورة اقامة شكل من اشكال الحكم – الذاتي . ص10
*ان ممارسة حق تقرير المصير في ظل نظام سياسي ديمقراطي تعددي وبمختلف ابعاده الخارجية والداخلية، ومستوياته السياسية والاقتصادية والثقافية سيضمن والى حد كبير الاستقرار لا في داخل الدول فحسب وانما ايضا فيما بينها على المدى البعيد.ص17
*للقضية الكردية ارتباط تاريخي طويل بمدا حق تقرير المصير عبر المراحل التي مرت بها خلال القرن المنصرم. وترجع بدايات هذا الارتباط الى تطورات دولية هامة وقعت بعد اندلاع الحرب العالمية الاولى في مقدمتها اعلان الرئيس الامريكي ويدور ويلسون ستة عشرة نقطة والمتعلقة ببناء نظام دولي ليبرالي جديد واندلاع ثورة اكتوبر في روسيا القيصرية. ص18
*ارتبطت الليبرالية تاريخيا بالبرجوازية، وهي الطبقة الاجتماعية التي نمت في احضان الاقطاعية القديمة، حيث طالبت بان تلعب دورا اساسيا في المجتمع، خاصة في الميدان الاقتصادي. ص25
*لقد صور نابليون بونابرت (1769-1821) التوسعات الفرنسية الاقليمية في مختلف انحاء القارة الاوربية على انها تحريرا لشعوبها وتلبية لطموحاتها في تقرير مصيرها بنفسها. ص28
*تنتمي الماركسية الى التقاليد الرئيسية للنظرية السياسية والاجتماعية الاوربية الحديثة، حيث اخذت من فلسفة هيغل المفهوم الجدلي، ومن الثورة الفرنسية فكرة التمرد الشعبي، ومن الاشتراكية الخيالية مفهوم المجتمع القائم على المساواة ومن الليبرالية الاقتصادية اهمية العامل الاقتصادي في حركة تطور المجتمعات. ص37
*من التغييرات الملفتة للنظر التي حدثت بين بدايات خمسينيات ومنتصف سبعينيات القرن العشرين هي ان التركيز في مسالة تطبيق حق الشعوب الخاضعة في تقرير مصيرها السياسي قد تحول من القارة الاوربية (التي اعيد ترتيب الخريطة السياسية فيها في مؤتمر فرساي للسلام ) الى القارتين الاسيوية والافريقية. بمعنى اخر صارت بلدان اسيا وافريقيا ولاول مرة في تاريخها ميدانا لترجمة فكرة حق تقرير المصير القومي الى واقع . ص78
*بالرغم من انتشار العولمة في اشكالها الاقتصادية والثقافية والسياسية فان الدول الحديثة ما زالت تسيطر على الساحة السياسية الدولية، التي تشهد تحديات لنظام الدول القائم من قبل امم وشعوب تكافح بداب من اجل حق تقرير المصير خاصة في بلدان عجزت انظمتها السياسية عن توفير حد يرضيها من المساواة السياسية والحريات المدنية وحقوق الانسان . ص81
*لقد اخضع اقليم كردستان الجنوبية الى حكم عربي على الضد من ارادة سكانه. ومرت عملية الدمج القسري بثلاث اطوار وجهة خلالها ضربات قوية الى مصالح الشعب الكردي وطموحاته السياسية، والتي اشتدت بمرور الزمن من حيث القسوة والاتساع . ص105
*يمكن تقسيم حق تقرير المصير القومي الى نوعين اساسيين حسب التجارب التاريخية : الاول حق تقرير المصير الخارجي والثاني حق تقرير المصير الداخلي. ويقصد بحق تقرير المصير الخارجي حق كل شعب في اختيار السيادة الكاملة وذالك عن طريق الانفصال السياسي عن الدولة القائمة مثل انفصال (كرواتيا وسلوفنيا وبوزنيا عن الفدرالية اليوغسلافية). اما حق تقرير المصير الداخلي، فيقصد به ممارسة سكان احد الاقاليم لحق اختيار شكل الحكم – الذاتي الذي يناسبه. وغالبا ما يترتب على ذالك تحول الدولة من النظام الاحادي الى النظام الفدرالي، اي تشكيل كيان او كيانات متميزة تتمتع بحكومة – ذاتية ضمن الدولة القائمة. ص119
*اما حق تقرير المصير الثقافي فيستند الى مبدا حرية التعليم باللغة الام وتطوير الثقافة القومية دون قيود والتصدي لعملية الصهر الثقافي التي تخدم مصالح الجماعات المهيمنة على السلطة السياسية عن طريق القضاء على الهوية الثقافية للجماعات الخاضعة او التي لا تشكل الاغلبية. ص121
*في بعض تجارب حق تقرير المصير القومي الاخرى لم يكن امام اعضاء الجماعات المعنية سوى خيارات محدودة: اما الانفصال السياسي التام او المحافظة على الوضع الراهن ( اي الابقاء على الاندماج ). ص126
وفي الخاتمة
ان حق تقرير المصير مفهوم سياسي جديد جاء الى الوجود مع تقدم المجتمعات الانسانية الحديثة وما رافق ذالك من ظهور نوع جديد مع تقدم المجتمعات الانسانية الحديثة وما رافق ذالك من ظهور نوع جديد من الدول وهي الدول – الامة ونوع جديد اخر من الحركات السياسية وهي الحركات القومية المطالبة بالوحدة وبالسيادة على اساس اثني، لغوي، تاريخي، او جغرافي. ارتبط حق تقرير المصير القومي تاريخيا بالايدولوجية الليبرالية اذ ارتبط تطوره بتطور تلك المفاهيم الليبرالية المتعلقة بالحريات المدنية وحقوق الانسان. فهذه الحريات والحقوق القائمة على اساس الفرد لايمكن تحقيقها وتعزيزها الا في اطار جماعة بشرية حرة تدير شؤونها بنفسها. بمعنى اخر، هناك ارتباط وثيق لا ينفصم، من وجهة نظر الليبراليين، بين حرية الفرد وحرية الجماعة التي ينتمي اليها.  
 

بابەتی زیاتر

Copyright © 2024. Hoshyary.com. All right reserved