الكتاب: جلال طالباني – احداث ومواقف
المؤلف: سالار اوسي
الطبعة الاولى: دار ابعاد – بيروت -2008
الطبعة الثانية: دار الينابيع – دمشق 2008
مقدمة
المواضيع المختارة تلقي الاضواء على بعض الجوانب في شخصية جلال طالباني، من خلال احداث ومواقف تشكل بعضا من محطات اساسية، في حياته وتجربته السياسية والنضالية الطويلة.
*تكاد تكون السياسة كل حياة جلال طالباني، لذالك يبدو من الصعب تناول الجوانب الشخصية في حياته، بمعزل عن الجانب السياسي الذي تحكم بحياته منذ بدايات شبابه. فانخراطه المبكر في الحياة الحزبية جعله على تماس مباشر مع السياسة، وترك هذه الاخيرة تحتل الجزء الاعظم من شخصيته وتفكيره ووعيه، وتتحكم في شكل وطريقة حياته الخاصة الى ابعد الحدود. ص15
*اذا كانت السياسة، والظروف النضالية الصعبة، قد استطاعت ان تبعد جلال طالباني عن اسرته (زوجته وولديه) لسنوات، فانها لم تبعده عن الكتابة، فضلا عن القراءة، التي لم ينقطع عنها يوما: لان نزوعه نحو ذالك، كان نزوعا اصيلا، لم يختف امام مهامه السياسية والحزبية المكثفة. ص23
*ان اصرار مام جلال على عدم الاذعان لنتائج اتفاقية الجزائر، وضرورة مواصلة الثورة واستمرارها، كان يهدف الى الحفاظ على مرحلة سياسية مهمة في تاريخ الحركة التحررية الكردية، مما يمكن ان يشكل نقطة انعطاف في مسار تلك الحركة، من خلال اعادة النظر في طبيعة علاقاتها وتحالفاتها، والاستفادة من تجاربها واخطائها، بما يضمن تحقيق الثورة لاهدافها، ويمنع ارتباط مصيرها في شكل مباشر، بمصالح وسياسات خارجية. ص50
*قام مام جلال بجولة شملت ليبيا ومصر وبيروت ودمشق، وحفز تواصله مع موسكو التي لم يقطع علاقاته معها، بعكس ما طلب بارزاني منه في وقت سابق، واجرى اتصالات مكثفة مع شخصيات سياسية وثقافية كردية، ومع عدد من كوادر الحزب الديمقراطي الكردستاني المنحل. في محاولة لاقناعهم بضرورة استمرار مسيرة النضال واعلان الثورة الجديدة وفق نهج عصري، واسس مختلفة عن تلك التي سارت عليها الثورة المنهارة. ص51
*لان القضية الكردية في العراق، تتعلق بالدرجة الاساس بالجانب العربي، بدا طالباني محاولاته المستمرة لتوضيح حقيقتها للراي العام العربي، وسعى نحو اقناع بعض القادة العرب، بان الحركة التحررية الكردية تستحق ان ينظر اليها نظرة مختلفة من جانبهم، ويتخذ منها موقف مغاير، وتعامل ايجابي، لما في ذالك من مصلحة مشتركة للقوميتين العربية والكردية. ص70
*بعد اللقاءات العديدة بين عبد الناصر وطالباني في عام 1963، اوضح عبد الناصر موقفه من القضية الكردية في العراق، في تصريح لمراسل جريدة لوموند الفرنسية، ايريك رولو، بين فيه ان الكرد شعب شقيق للعرب، واعرب عن موافقته لاعطاء الكرد في العراق حكما ذاتيا قريبا من المفهوم الذي شرحه له جلال طالباني في القاهرة، واعلن معارضته للحرب كوسيلة لحل القضية الكردية. ص77
*ان علاقة مام جلال، كممثل للتيار الكردي التقدمي، بالرئيس معمر القذافي، كنصير للكرد ولقضيتهم، لم تلق صعوبات وعوائق في طريقها، ولم تستدع شروحا تمهد للتواصل والتعاون. وسرعان ما اخذت طابع الصداقة القوية، وخضعت لمعادلة فيها من التضامن الانساني، والتقارب الوجداني، ما يوازي التفاهم السياسي والدبلوماسي. ص83
*ظل طالباني في جميع علاقاته وتحالفاته مع دول الجوار الكردي العراقي، في مختلف مراحلها، حريصا على الا يكون جزءا من الاجندات السياسية لتلك الدول، والا يتحول اداة تستخدم لضرب الكرد وحركاتهم التحررية فيها، او ان يتبنى سياستها ازاء اكرادها. ص104
*ان علاقة الاتحاد الوطني الكردستاني، بزعامة جلال طالباني، مع سوريا في عهد الرئيس حافظ الاسد، كانت علاقة مبنية على مصالح مشتركة، ومنافع متبادلة، في اطار علني وواضح، يكمه احترام متبادل. ص106
*اما علاقات جلال طالباني مع ايران، فقد بدات مع المعارضة الايرانية في ايام الشاه، ولم تكن مع نظام الشاه الذي كان في الحلف المضاد للذي كان يحسب عليه طالباني. وهي علاقات تعود الى بداية العام 1963، وقد توطدت بصورة خاصة في العام 1967. ص109
*اما علاقة جلال طالباني مع تركيا، فقد بدات كعلاقة تضادية، وذالك بحكم موقع تركيا ودورها في خريطة التحالفات التي كانت تحكم العالم على المستويين الاقليمي والدولي، والذي كان يتناقض مع افكار طالباني السياسية والايديولوجية، ومع خطة النضالي المعاكس للتوجهات التركية في العلاقات والتحالفات والاهداف . ص119
*كان مام جلال واضحا وحاسما في رده على الطلب التركي ، الذي ظل قائما بالحاح على مدى سنوات، مؤكدا على الدوام ان الاتحاد لا يمكن ان يقف ضد الاحزاب الكردية في اي منطقة من مناطق كردستان ولن نتحول الى جندرمة للحكومة التركية ضد حركة كردية، رغم عدم تطابق الاراء بيننا وبينها في جوانب فكرية سياسية، وفي اساليب العمل وفي التحالفات. ص124
*يمكن القول ان طالباني اتخذ من الحوار منطلقا لنشاطاته وفعالياته منذ بدايات حياته السياسية، وظل يميل الى فكرة الحوار في محطات مختلفة، متتالية ومتقطعة، في صراعه مع الحكومات العراقية المتعاقبة، وخصوصا مع النظام العراقي السابق، في محاولات للتوصل الى ايجاد حلول سلمية للقضية الكردية في العراق. ص131
*الشعور القومي لدى جلال طالباني، والمتمثل في مسؤولية حماية الشعب الكردي في العراق، والمطالبة بحقوقه المشروعة، لم يتعارض مع ايمانه بضرورة المحافظة على سيادة العراق كدولة لكل ابنائها من العرب والكرد وباقي الاقليات العرقية والدينية والمذهبية. ص136
*لقد ميز طالباني بين المعارضة العاملة في الداخل معارضة الخنادق، وبين المعارضة في الخارج معارضة الفنادق، وراى في الاولى انها فعالة وتستطيع ان تجري تغييرا اذا ما وحدت قواها. اما الثانية فهي معارضة اعلامية، ولا تستطيع ان تجري اي تغيير في العراق. ص171
ان الحقيقة التي تعلن عن نفسها هي ان جلال طالباني يعد شخصية سياسية متجددة وحداثية ومنفتحة، ليس على مستوى كردستان وحسب، بل على مستوى المنطقة عموما، وهو يقف دائما على النقيض من السياسي التقليدي في رؤاه وتحليلاته، وممارساته وسلوكياته السياسية.
بابەتی زیاتر