اسم الكتاب: التنوع الثقافي والمثاقفة(الانا والاخر)
الكاتب: يوسف يوسف
اكاديمية التوعية وتاهيل الكوادر
الشليمانية- 2011
عدد النسخ: 1000 نسخة
مقدمة:
صحيح انه في مقدور القارئ اعتبار هذا التصور اساسا لما سيقوم عليه هذا الكتاب، الا انه لم يكن السبب في التفكير به، فقد شغلتني ومنذ فترة ليست بالقصيرة موضوعة (الانا) و(الاخر) التي انجزت خلالها وحتى الان كتب (الاغيار في الثقافة اليهودية ) و(التزوير في الادب اليهودي ) و(التوراة وخوذة كنعان) و(القدس في الادب العبري). صحيح ان هذا الاخر قد يكون ضدا كمثل ما يرى القارئ من حالته في الكتب سابقة الذكر، بحكم قيام هذا الاخر باحتلال ارض ليست هي ارضه، وذبح شعبهاومحاولة نفي هذا الشعبمن الوجود والتاريخ تماما معا، الا انه ليس دوما كذالك. فالاخر قد يكون صديقا، ولربما يعيش مع (الانا) في المكان ذاته، ويشترك معها في الديانة وسواها، لكن له لغته وثقافته اللتين عليه وعلى(الانا) المحافظة عليهما، وهذا النوع من الاخرهو (اخر) هذا الكتاب الذي نحرص عليه كمثل حرصنا على انفسنا.
التجانس والانفصال
*يقول عالم الاجتماع  الفرنسي الشهير غوستاف لوبون بان كل شعب يحمل في كيانه العقلي نواميس ماله في الوجود. وهذه النواميس هي التي تمكن الشعوب من البقاء كمجموعات لها خصوصيتها، وتحدد طرق تواصلها مع بعضها. وبما يقترب من هذا نقرا لحاتم بن عثمان قوله: ان الحديث عن (الانا) و( الاخر)، يطرح بخلفية الفصل بين عالمين: عالم لي وعالم له. بين كثرتين: جنس انا منه واجناس منها الاخر، حتى وان شاركني الهموم والطموح والاحلام والالام ذاتها، وكان مجرد احتمال التواصل الى الابد قد استحال، فهي عند البعض القطيعة التي تنفي الحوار والنقاش. ص17
*الانا والاخر وضرورة التفاعل بينهما وعدم الاصطدام والتصارع، يحيلنا الى ثنائية التجانس والانفصال، وارتباطها بسيرورة الحياة البشرية. والى هذه الثنائية من اجل تقريب عملية فهمها، فما ان ان بش افلاطون بجمهوريته الفاضلة وهي مثال للتجانس الذي نتصوره بين البشر، سرعان ما اكتشفت القريبون منه انذاك، ان الخارجين على هذه الجمهورية ذات الصفات الجذبية المدهشة، يفوق عددهم عدد الدعاة اليها والراغبين بها. ص19
* ان ما يهدد البشر اليوم، وبحسب كلود ليفي شتراوس في كتابه ذائع الصيت (الاسطورة والمعنى ) هو ما تمكن تسميته بالاتصال الزائد بين الناس، الذي يتمثل بالنزعة السائدة بينهم في مختلف اماكن وجودهم في هذا العالم، لمعرفة كل ما يحدث في كل الاجزاء الاخرى منه.ص25
الكرد ...الذات والمتخيل
*بصرف النظر عن الكثير مما يقوله المؤرخون والباحثون الكرد حول اصلهم وتاريخهم القديم، بما في ذالك الاعتقاد بان بداية ظهور الميدين ككيان سياسي عام (700ق.م) هي بداية التاريخ الكردي ، فانه لا توجد في النصف القديم من الكرة الارضية، سلالة بشرية كانت معرضة للظلم باستمرار، واسئ فهمها كالشعب الكردي . ومنذ فجر التاريخ، ربما لا يوجد شعب في العالم يسكن منطقة جغرافية كان ضحية النوايا السيئة على الدوام مثل الشعب الكردي. ص32
*لقد تحدث كثيرون حول ما تمكن تسميته بالاستقلال الثقافي. وهذا النوع من الحديث لا طائل من ورائه في اعتقادنا. ذالك لان مفهوم هذا النوع من الاستقلال لا يستقيم مع حقيقة انه ليست هناك ثقافة في هذا الكون، وبصرف النظر عن رفعتها والمنزلة التي وصلت اليها، في مقدورها الانعزال عن غيرها من الثقافات سواء المعاصرة لها او التي جاءت قبلها، على اعتبار انه لا بد ان تكون علاقتها بهذه الثقافات في حالة التفاعل الدائم الذي لا ينتهي. ص38
*عندما نقول بوجوب فهم حقيقة (الاخر) الكردي وضرورة التعامل مع هذه الحقيقة باحترام كبير، فذالك لليمان القاطع بان (الذات) او(الانا) من اجل ان تحافظ على تماسكها، اذا ما تعرضت لضغط خارجي، بصرف النظر عن نوع هذا الضغط وقوته واتجاهه، فانها لا بد كرد فعل تقوم به، سوف تتمرد على هذا القادم اليها بالضغط – العنف، في شكل رفض من بين اهم اهدافها منه، صيانة الهوية ذاتها، وابعاد(الاخر) المعتدي. ولقد كان مثل هذا التصور يتمثل لهيغل على النحو التالي: ان العلاقة بين فردين واعيين لذاتيهما هي تلك التي يثبتان من خلالها ذاتيهما عبر صراع الحياة والموت.
اننا نتحدث حول ما يمكننا ان نسميها الرغبة في تاصيل كيفية التعايش بين البشر ونبذ العنف الذي يمارسه كثيرون ضد غيرهم، وثقافات ضد سواها. ولان (الاخر) كما سبقت الاشارة مشروع حوار، او هكذا يجب ان يكون وليس مشروعا من اجل الحرب، فان الحوار بين الكرد والعرب، ينبغي ان يناى عن التراشق بالرصاص والقذائف، وان يبدا اولا بالاعتراف بهم وبثقافتهم وبمختلف منجزاتهم التي تضعنا امام مكانتهم والمنزلة الرفيعة التي وصلو اليها.
والكرد بهذا الفهم ليسوا جنسا من الجن.. ص39
*(الانا)و(الاخر) حاصلا جمع قيمتين متلازمتين يمكننا التوفيق بينهما، او قد لا يكون في مقدورنا ذالك. والامر يرتبط بالدرجة الاساس بكيفية تعاملهما مع بعضهما. وهما بالتالي هويتان وثقافتان وقوميتان ومكانان وزمانان، كما وقد يكونان دينان او رايان او موقفان في الحياة وسوى هذا مما يشير الى الاختلاف وليس الخلاف. والاختلاف كما سبقت الاشارة سنة من السنن الكونية التي بدونها يفقد هذا الكون الكثير من اسباب توازنه، وربما اسباب بقائه. ص43
المثاقفة..المعنى والاتجاه
*فالمثاقفة ابتداء تعني في طبيعتها التي جبلت عليها الاخذ والعطاء، اي السير في اتجاهين وليس في اتجاه ةاحد فقط، وهي بعكس هذا لا تكون مثاقفة، وانما غزوا او اختراقا ثقافيا او ايا من الاسماء التي يمكن ان نطلقها عليها باستثناء تسمية مثاقفة. وهي في مثل هذا التصور- الاخذ والعطاء، ابعد ما تكون عن الصراع والتناحر اللذين يصاحبان عادة حالات الغزو الثقافي والفرض بالقوة ومحاولات الاختراق .ص58
التنوع واستقلال الحين الثقافي
*التنوع الثقافي في اعتقادنا، وليس الاستقلال والانعزال في غيتوات منعزلة مقفلة على انفسها، وغير متفاعلة فيما بينها ومع ما حولها، هو ما يجب التمسك به والدفاع عنه، حتى لو كانت الثقافة – الثقافات الاخرى تختلف في اتجاهاتها وقواعدها.ص80
*ان المجتمعات في حالة ايمانها بالتنوع الثقافي وقيامها بالدفاع عن ذواتها،انما تقوم بواحدة من العمليات الخلاقة، التي يحدث فيها نوع من التواصل والحوار الثقافي، بين ثقافتين اواكثر، تسعى كل واحدة منها خلاله، الى التفاعل مع نظيراتها بهدف الاخذ منها واعطاءها في الوقت نفسه، دون ان يترك ذالك اثرا سيئا على الخصوصيات التي تتميز بها عن بعضا البعض. ص81
*لقد شعر الكرد منذ القدم بوجودهم المستقل، وبوحدة اللغة والادب والثقافة والتاريخ . كما وظهروا كشعب له خصائصه التي تميزه عن الشعوب الاخرى، ولا بد ان كان لهذا الشعب علماؤه وادباؤه ومؤرخوه. ص86
*اننا في الحديث حول التنوع الثقافي والمثاقفة، انما نضع في حسابنا ان المقصود انما يتمثل بترتيب امر العلاقة بين شخصيتين ثقافيتين، لكل واحدة منهما لغتها وديانتها وعاداتها وتقاليدها واعرافها، ولها سوى هذا كله ذاكرتها ووجدانها الجماعي كذالك. ولان الكرد يمتلكون هذه العناصر جميعها، فان اية محاولة لتعريبهم (محاولة جعلهم عربا) لن تختلف عن محاولات الامركة (جعل الناس امريكانا) المرفوضة، بصرف النظر عن ابعادها واهدافها وادوات تنفيذها التي لابد ان تختلف عن محاولات الامركة التي تعتبر شكلا من اشكال اختراق الشعوب وتدمير شخصياتها وابنيتها. ص88
 

بابەتی زیاتر

Copyright © 2024. Hoshyary.com. All right reserved