كردستان والحقوق القومية للتركمان 
د.مكرم مطالباني
مكتب الفكر والوعي في الاتحاد الوطني الكردستاني /السليمانية
العدد:2500 نسخة
المقدمة
كردستان بلد فيها الاكراد والتركمان والكلدان والاثوريين، تواجدوا تاريخيا لاسباب متعددة، منها الهجرات القبلية التي جرت عبر التاريخ والغزوات التي تعرضت لها كردستان والتجزاة والخلط التي قامت بها الحكومات التي احتلت هذه المنطقة وكذالك التحالف بين بعض تلك القوميات في حقب تاريخية للتصدي للعدو المشترك،
ان وجود قوميات متعددة في وطن واحد يمكن ان يكون مصدر قوة وسعادة اذا ما تكاتف الجميع في الاعتراف بالحوق القومية المشروعة لهم وتعاونوا، بروح اخوية، لحل المشاكل التي قد تجمع عرضيا بين بعض اطرافها.
ان وجودهم ضمن حكومة اقليم كردستان الفيدرالية سينالون حقوقا اكثر، وقد يكونون القومية الثانية بعد الاكراد ويكون لهم دور مرموق في حكومة كردستان.
القومية والتوزيع الجغرافي للشعوب
يكون الشعب الكردي الاكثرية في وطنه، يشاركه في هذا الوطن اقليات قومية، بعضها كبيرة كالتركمان وبعضها صغيرة كالاثوريين. ولكن لا يعني هذا ان كل الحقوق هي للاكثرية وتحرم الاقلية من الحقوق القومية المتعارف عليها عالميا، كالتي استقرت نتيجة للتجارب العالمية في فصل او توحيد الشعوب. ان التوزيع السكاني وارتباط الاجزاء التي تعيش فيها قومية او اقلية قومية له تاثير كبير على نوع الحق القومي لهؤلاء.
نحن الاكراد نقول، يعيش معنا التركمان والكلدان والاثوريين والعرب، لكل من هؤلاء حقوق خاصة.
التغييرات التي جرت على حدود كردستان
ان اول وثيقة دولية وعدت بتحديد الحدود الجغرافية لكردستان، هي المادة 62 من معاهدة سيفر التي ابرمت بين الدول الكبرى التي انتصرت في الحرب العالمية الاولىعام 1920 لاقتسام ممتلكات الدولة العثمانية، ومنها ذالك القسم من كردستان الذي اصبح ضمن تلك الدولة، بعد معركة(جالديران) بينها وبين ايران عام 1814. وتبين من الوثائق المتوفرة  ان المادة 62 من معاهدة سيفر تخص فقط الاقاليم الكردية، التي كانت ضمن الامبراطورية العثمانية.
حدود كردستان في ولاية الموصل
بناء على طلب بريطانيا عرضت مشكلة"تحديد الحدود" بين العراق وتركيا على عصبة الامم التي كانت لبريطانيا النفوذ الاكبر فيها وحسب رغبة بريطانيا اصدرت العصبة قرارها في 16 كانون الاول عام 1925 بالحاق كردستان الجنوبية (ولاية الموصل) بالدولة العراقية.
حدود كردستان العراق في لائحة الانتداب البريطاني
جاء في المادة السادسة عشر من لائحة الانتداب البريطاني على العراق: "لا توجد في هذا الانتداب ما يمنع المنتدب من تاسيس حكومة كردية مستقلة اداريا في المناطق الكردية".
  نص الدستور العراقي على ان العرب والاكراد شركاء في هذا الوطن. وكان الحزبان الشيوعي والديمقراطي الكردستاني يريان ان تحقيق الحكم الذاتي في كردستان لا يخل بهذه الشراكة، ولكن قائد الثورة ورئيس الوزراء عبد الكريم قاسم قد اعلن هذه الشراكة غير قابلة للتقسيم وهذا يعني رفض المطلب الاساسي للاكراد في الحكم الذاتي، الامر الذي ادى الى اندلاع القتال بين القوات الحكومية والاكراد في كردستان.
في سياق مداولاتي حول موقع لواء كركوك طلب مني صدام حسين ان افرز على خارطة لواء كركوك المنطقة التي يسكنها الاكراد عن المناطق التي يسكنها العرب. فقد فصلت القرى الكردية عن القرى التي يسكنها العرب بصورة دقيقة، وعند الوصول الى مدينة كركوك، قال: ماذا تقول عن مدينة كركوك؟، اليس بالامكان جعل وادي "خاصة" حدا فاصلا بين المنطقتين؟، ولم يحسب اي حساب لوجود التركمان. لم اوافق على هذا التقسيم، لان صوبي الوادي خليطان من الكرد والتركمان وان عدد العرب قليل.
التعريب
ان اول عملية تعريب المناطق السهلية الخصبة، قام بها حكومة رئيس الوزراء ياسين الهاشمي عندما بدا بارواء سهل حويجة التي كانت ربيعية للعشائر الكردية سمايل عزيزي وطالباني وداوودة وكاكه يي وغيرها، وتحويلها الى منطقة زراعية مروية لتوطين عشيرة عبيد التي كانت في منطقة(سبيجة) في تخوم جبل حمرين
عملية التعريب من قبل حكومة البعث:
كان في برنامج حكومة البعث تعريب لواء كركوك تعريبا كاملا وتجلى ذالكفي الامور الاتية:
1-نقل افخاذ كاملة من العشائر العربية من جنوب وغرب العراق الى محافظة كركوك( التاميم).
2- نقل الموظفين الاكراد من كركوك الى المحافظات الشمالية والجنوبية.
3-نقل عشائر كردية كاملة من مواطنها الى المحافظات العربية والجنوبية.
4-اصدرت مجلس قيادة الثورة قرارا يقضي بنقل التركمان اولا والاكراد ثانيا الى محافظة الانبار
5-اصدار قانون يقضي بااطفاء الحقوق التصرفية للاراضي المفوضة بالطابو للمالكين
6- اصدار قانون يقضي بتغيير قرارات توزيع الاراضي الزراعية الى الفلاحين بموجب قانون الاصلاح الزراعي الى اراضي مؤجرة لهم بموجب عقود يمكن الغاءها في اي وقت.
7-منح قطعة ارض سكنية بكركوك الى العوائل العربية الوافدة ومع عشرة الاف دينار لمساعدتهم لبناء دور لهم عليها.
8-منح وكالات الشركات والمؤسسات الاقتصادية الحكومية الى العرب الوافدين واجراء كل التسهيلات لهم.
9-منع الاكراد والتركمان من شراء العقارات، ولا يجوز لهم بيع عقاراتهم لغير العرب.
مدينة كركوك فيها عدد كبير من الاكراد ويليهم التركمان ثم العرب. ويستبان ذالك من الاحصاءات الرسمية قبل اقدام حكومة البعث على ترحيل اعداد كبيرة من الاكراد بحجج غير قانونية.
قالت الحكومة في المفاوضات التي اجرتها مع السيد جلال الطالباني عام 1984:"نحن لا نقول كركوك غير كردية ولا نقول عربية، ولكن وجودها في الحكومة المركزية افضل لنا ولكم"
*هناك دلالئل كثيرة تؤكد ان البعث او جيوب منه لعب دورا كبيرا في تعميق الخلافات بين الكرد والتركمان ناهيك عن الدور السري لشركات النفط التي حاصرتها الحكومة لانتزاع حقوق العراق منها ودور بعض دول الجوار.
على الاكراد الاعتراف بوجود التركمان وعليهم الاقراربحقوقهم القومية وان ازدهار ثقافة التركمان ووضعهم الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، هو جزء من ازدهار كردستان. فالطريق الى حل الاشكال المتعلق بكيفية تمتع التركمان بحقوقهم القومية يمر عبر حوار ملخص وهادف، الا يحاول الاكراد تقليص هذه الحقوق.
الاكراد عندما تعذر عليهم البقاء ضمن النظام السابق اثروا الانفصال مؤقتا لان وجودهم القومي تعرض للافناء كما جرى في عمليات الانفال والابادة الجماعية وتدمير جميع قرى كردستان والعديد من مدنها وبلدانها وترحيل الباقين وحشرهم في مجمعات سكنية قسرية لا تتوفر فيها شروط العيش والحرية. ولكن ما ان زالت تلك الاسباب عادت الى الاتحاد مع الحكومة المركزية تحت شروط نيل حقوقهم القومية.
تعرض التركمان الى الاضطهاد كما تعرض الاكراد له. وعندما اجبر الاكراد الى تغيير هويتهم القومية من الكردية الى العربية، اجبر التركمان ايضا على ذالك.
ان الاكراد يرون في ازدهار ثقافة التركمان ازدهار للثقافة العامة في كردستان.
هل ان الحاق لواء كركوك بكردستان الحاقا قسريا؟ كلا. لان المادة 140 من الدستور العراقي نصت على اجراء استفتاء حر بين سكان لواء كركوك ليقرر بانفسهم مصيرهم في الالتحاق بكردستان او البقاء ضمن حدود الحكومة المركزية. اذن.. ان هناك استفتاء حر لمعرفة رغبة السكان او اكثريته. فاذا كانت الاكثرية من الاكراد وبينت رغبتهم في الالحاق بكردستان، فليس هناك خرق للحقوق او خرق للديمقراطية واذا ارادت الاكثرية وكانت من التركمان، البقاء ضمن حدود الحكومة المركزية، فليس هناك خرق للحقوق والديمقراطية. وليس في الاستفتاء بموجب المادة 140 من الدستور اي عنف، لان سكان اللواء يستعملون حقهم في تقرير مصيرهم بانفسهم.
الاكراد ارادوا الفيدرالية، ولكن فيدرالية لا تتعارض مع طموح الشعب العربي في الحرية والديمقراطية. وهم يريدون التمتع بحقوقهم القومية على كامل ارجاء وطنهم، ولكن بشرط ان لا يغمط حقوق الاخرين الذين يعيشون معهم.
التركمان شعب لهم حق تقرير المصير بانفسهم. ومشاعر التركمان تجاه الاتراك في تركيا شئ طبيعي ومشروع تماما. ومشاعر الاتراك نحو التركمان شئ مشروع ايضا.
ولنترك موقف صدام حسين من منح التركمان الحكم الذاتي ونناقشها نحن من دون تحيز وحساسية، هل ان شروط الحكم الذاتي متوفرة في لواء كركوك والاكراد يشكلون الاكثرية. ففي حالة منح اللواء الحكم الذاتي،فان الاكثرية الكردية هي التي تتمتع به اساسا. فلماذا الحكم  
الذاتي للاكثرية الكردية في وقت يتمتعون بالحكم الفيدرالي؟ ونحن لا نقول، ان التركمان لا يشكلون الاكثرية فلا حقوق لهم. وبدلا من التشنج من الطرفين الكردي والتركماني، من المفيد لهما الجلوس الى مائدة الحوار للتوصل الى حل معقول ومقبول من الطرفين وعندما يجلس الطرفان الى مائدة الحوار يطرح كل طرف مطاليبه قد يكون فيها شئ من المبالغة، ولكن تصميم الطرفين على الوصول الى حل صحيح للمسالة قد يوصلهما الى حل مقبول من الطرفين. ولا يتحقق ذالك الا اذا كان الطرفان مستعدين للتنازلات المتقابلة والقبول بالحلول الوسطية للمسائل المختلف عليها.                                           
الخاتمة
التركمان يجب ان ينالوا حقوقهم القومية المشروعة والانسان الذي ابتدع هذه الانظمة المتعارف عليها دوليا الان ،قادر على ابتداع غيرها لحل مشكلة تواجهه. يكون ذالك بالنية المخلصة وبروح اخوية من الجانبين.

بابەتی زیاتر

Copyright © 2024. Hoshyary.com. All right reserved