اسم الكتاب: سياسة التعريب في قضاء شنكال
تاليف: بيان محمد سعيد
اكاديمية التوعية وتاهيل الكوادر
التصميم والغلاف:اميرة عمر
رقم الايداع: (1567) لسنة 2010 لمديرية العامة للمكتبات العامة
عدد النسخ:1000 نسخة
المقدمة
يعد التعريب من الممارسات الخطيرة التي اقدمت عليها السلطات العراقية المتعاقبة على راس السلطة في بغداد ضد الشعب الكردي في اقليم كردستان بعدما تنكرت هذه الحكومات للحقوق العادلة للشعب الكردي الذي ناضل من اجل مساواته مع الشعب العربي في العراق وشنت سلسلة متواصلة من الحروب العبثية على كردستان اسفرت عن تدمير الالاف من القرى والمدن حتى وصلت الى اوجها في فترة حكم حزب البعث كما تزامنت عمليات الترحيل للسكان الكورد مع نقل سكان العرب الى المناطق الكردية وعرفت هذه السياسة المقيتة لدى سكان كردستان العراق بسياسة التعريب حتى شملت مناطق كركوك وخانقين وشنكال على نحو خاص لكونها مناطق تتمتع باهمية استراتيجية.
الموقع والحدود والمساحة
يحظى الموقع الجغرافي بمكان الصدارة في الدراسات الجغرافية،لانه يحدد شخصية المنطقة موضع الدراسة، فالموقع بالنسبة لدوائر العرض هو المسؤول عن تحديد الشخصية المناخية ثم تحديد اوجه النشاط الاقتصادي بكافة مظاهره. كما ان موقع المدينة عند ملتقى الطرق يعد من الظواهر الجغرافية التي تساعد على قيام علاقات اقليمية دولية. ويحتل قضاء شنكال تلك البقعة الممتدة الى الشمال الغربي من محافظة نينوى المجاور للحدود العراقية السورية وبذالك يمتد على شكل ذراع وتشغل الجزء الشمالي الغربي من اقليم كردستان اما مساحة منطقة الدراسة فتبلغ (7200) كيلو متر مربع.
التركيب الجيولوجي وتضاريس قضاء شنكال
يشمل التركيب الجيولوجي لمنطقة الدراسة تكوينات مختلفة بين رواسب فيضية حديثة وصخور ايو سينية،وتظهر من خلال التكوينات الكريتا سنية والبركانية في بعض جهاته لا سيما في تلاله المتناثرة. وتشير الخريطة الجيولوجية لاقليم كردستان بان تراكيب منطقة شنكال هي من ضمن الترسبات التي تعود الى عهد البلاتيوسين.وبخصوص تضاريس القضاء وان من ابرز مظاهرها هو جبل شنكال البالغ ارتفاعه في اعلى نقطة(1463) متر فوق مستوى البحر اما سهل شنكال الشمالي فهو عبارة عن حوض مضرس السطح يشغل الطرف الشمالي والغربي من منطقة الجزيرة ويقطع هذا السهل عددا من الاودية اهمها وادي المرووادي قوسة ووادي سويدية، وتصرف هذه الاودية مياه الامطار التي تسقط في فصلي الشتاء والربيع وتصب في نهر دجلة، اما نوعية التربة في المنطقة السهلية في عموم منطقة شنكال فهي غرينية مختلطة. وكذالك تربة حمراء علاوة على وجود التراب من نوعية ليتوسول في جبل شنكال.
مناخ شنكال
يمتاز مناخ شنكال على انه شبه جاف لكونه يقع ضمن منطقة شبه جافة.
الموارد المائية
يعتمد سكان شنكال على مياه الابار والعيون التي تتواجد في المنطقة وعند حواف جبل شنكال، وقد كانت الامطار الشتوية تشكل في السنوات الممطرة روافد مائية وقتية استفاد منها السكان، كما كانت المنطقة في السابق تتمتع بوجود جداول وقتية تنحدر من خلال جبل شنكال، واسهم وجود العيون والروافد المائية الموسمية في انعاش الوضع الاقتصادي لسكان المنطقة في مختلف المجالات. كما تتواجد في جوف المنطقة كميات من المياه الجوفية كونها تقع ضمن المناطق الشبه الجبلية في كردستان.
التسمية والبعد الناريخي
جاء في الكتابات والنصوص المسمارية بان تسمية شنكال جاءت بهيئة سنكور وفي بعض النصوص الاشورية ورد باسم سنكارا والذي يعني السهل العظيم او اسم يطلق على كورة في الصحراء لكن الراي الغالب هو شنكال حيث يلفظها الكورد الايزيديون شنكار او شنكال والتي تعني الارض الجميلة كذالك تعني كثيرة العمل لان المنطقة كانت منطقة تجارية مهمة. كما ورد اسم شنكال في الكتابات البابلية والاشورية باسم سنكارا. ونقلا عن ياقوت الحموي فان تسمية شنكال هي في الاصل تعريب شنكال ويرى اخرون بان اصل التسمية(زه نكار) والتي تعني بالكوردية(ره نكين) اي اللون بالنسبة الى جبله الشامخ الذي يتلالا الضوء فيه عندما تضربه اشعة الشمس. شنك-كار ويعني في اللغة الكردية جميل: اما كار فتعني العمل ثم تحولت الكلمةالى شنكال بمرور الزمن. شنكال مدينة كوردية عريقة يرقي تاريخها الى عصور قديمة وقد ورد ذكرها منذ الاف السنين وتقع على مقربة من الجزيرة الفراتية.
مفهوم التعريب
التعريب لغويا هو مصدر عرب وعرب لسان، اي صار عربيا والتعريب معناه تعريب شئ ما بشكل قسري، وهذا الشئ في الاصل غير عربي، واصبحت هذه الكلمة متداولة في القاموس السياسي الكوردي لدى سكان كردستان العراق، وهي سياسة عنصرية انتهجها السلطات العراقية في كردستان لتغيير الواقع القومي لسكان مدن كركوك وخانقين ومخمور وشنكال وغيرها.
دوافع التعريب
تعددت دوافع سياسة التعريب من حيث الدافع الجغرافي والدافع الاقتصادي فضلا عن الدافعين القومي والعنصري والدافع العسكري.
اهمية المنطقة من الناحية الزراعية
1-الزراعة
اشتهرت شنكال بالزراعة منذ قديم الزمان لامتلاكها جميع المقومات الازمة للزراعة الناجحة وتمتاز تربتها بخصوبتها وبانها من اخصب الترب في العراق.
2-الثروة الحيوانية
لقد اشتهر سكان شنكال بتربية الماشية تحديدا الاغنام التي عرفت باعدادها الهائلة بالاضافة الى الابقار والجمال والحمير والخيول والبغال وغيرها وحسب سالنامة ولاية الموصل فان اغنام شنكال كانت مشهورة بانها تلد مرتين في اكثر السنوات.
3-المواد المنجمية
ان منطقة الدراسة تشتهر بوجود بعض الخامات والمعادن لكن اغلبها غير مستغلة بينها المرمر والرخام. وكذالك تتواجد خامات المنكنايت(الحديد) في المنطقة.كما تتواجد في جوف المنطقة كميات من خامات النفط والغاز الطبيعي .
4-التجارة
كانت لشنكال تجارة مزدهرة مع جهات عديدة ويعود ذالك لموقعها الجغرافي الممتاز، وكذالك وقوعه على الطريق بين العراق والشام. اما العامل الاخر الذي ساعد على ازدهار تجارتها فهو وجود شبكة من طرق النقل المتعددة التي تربط شنكال بجهات عديدة .
5-الصناعة
كانت الصناعة في منطقة شنكال حرفية وذات اهمية قياسا الى مستوى المناطق المحيطة بها وكانت من اهمها الصناعات النحاسية والبرونزية التي تطورت الى درجة في وقتها واتقانها ومما ساعد على ذالك وجود النحاس في الخابور وتشجيع الاتابكة للفن والصناعة. كما عرفت شنكال ايضا صناعة الاواني الفضية والزجاجية وكذالك الصناعات الخشبية. وعرفت شنكال ايضا صناعات اخرى وهي المعدات والادوات الزراعية وقد اشتهرت شنكال ايضا بالصناعات اليدوية البيتية.
ان قضاء شنكال مدينة التسامح الديني والاخلاقي القومي يسكنها الكورد والعرب والتركمان والكلد اشوريين. وفيهم الايزيدي والمسلم والمسيحي والسني والشيعي.ان القائمة الموجودة في قائمقامية قضاء شنكال تتضمن 45 اسما تولوا منصب القائمقام في هذا القضاء منذ تاسيس الدولة العراقية والاسم الوحيد الكردي الايزيدي هو (دخيل حسون) بالرغم من اكثر من 75% من سكان هذا القضاء هم من الكورد الايزيدية تم تعيينه28-4-2003 بعدها بستة اشهر وفي عملية ديمقراطية وشرعية تم انتخابه بنسبة 92%.
تمثل سياسة التعريب والترحيل في اقليم كردستان العراق، ابرز الظواهر السلبية في سياسات الحكومات العراقية المتعاقبة تجاه الكورد. اذ ان تلك الحكومات لم تخف ميلها الدائم الى تفضيل تواجد العرب في اقليم كردستان العراق على تواجد الكورد وتمت عمليات التعريب في النصف الثاني من القرن العشرين، حيث شهد اقصى واخطر مراحل ترحيل وتهجير وتعريب الكورد من اراضيهم ولا سيما بعد انفقد الكورد عوامل قوتهم بعد انتكاسة الثورة الكوردية بشكل مؤقت في اذار 1975 وتمثل ذالك في الاستيلاء وبالقوة على الاراضي الكردية واقامة المستوطنات العربية عليها وترحيل الكورد منها وانشاء ما يسمى ب(الحزام الامني العربي) حول المدن الرئيسية في اقليم كردستان بهدف تطويقها عسكريا واقتصاديا وصولا الى تغيير الطابع القومي للسكان.
تعرضت منطقة شنكال الى عمليات توطين العشائر العربية بعد ورود القبائل الى المنطقة حيث تشير المصادر التاريخية الى استمرار زحف القبائل العربية الى منطقة الجزيرة غرب الموصل لا سيما خلال القرن السابع عشر الميلادي وفي مقدمتها عشائر شمر.
لم تقتصر عمليات تهجير الكورد في شنكال على الطائفة الايزيدية فقط بل شملت الطوائف الاخرى منها طائفة (خضر خلف) المسلمة التي قامت السلطة بمضايقتها ورحلتهم الى دهوك واربيل وزاخو والمناطق الاخرى وفي السياق نفسه قامت الحكومة العراقية عام 1975 بترحيل عشيرة به يان المسلمة والتي سكنت القرى كون روفي وكوندي مستو وخراب بازار وكوجوك وكوندي جه مي وبيرزة كه ر وكوندي شه روو الغربية ومن القرى الكوردية لعشيرة به يان المسلمة التي رحلت هي.
وفقا للبيانات فان قضاء شنكال قد تعرض الى التغييرات الديمغرافية فالمعروف ان السكان الكورد كانوا يشكلون الاغلبية في احصاء عام 1957 بيد ان هذا الوضع قد تغير في الاحصاءات اللاحقة حيث بلغ نسبة الكورد حوالي 70% من المجموع الكلي فيما انخفضت هذه النسبة في احصاء عام 1965 وبلغت 80,92% مقابل زيادة نسبة العرب الى حوالي 80,3% كما واستمرت حالة انخفاض نسبة الكورد في احصاء 1977 حيث وصلت الى 6,3% فيما ارتفعت نسبة السكان العرب الى 93,4% .
ان اقتصاد المنطقة كان يقوم على اساس الزراعة والتجارة والعمل في الدوائر الحكومية والتعليمية واعمال الكسب الحر لذالك اتسمت الحالة المعيشية لعموم سكان المنطقة بالجيدة مقارنة مع العديد من سكان المناطق المجاورة.
كانت منطقة شنكال ضمن مسارح التجاذب السياسي فالحكومة المركزية واصلت ضغطها باتجاه دفع المزيد من السكان الكورد للجلاء عن المنطقة واسكنت المزيد من سكان العرب في المنطقة ووصلت الى اوج مراحلها في سنوات ما بعد الثمانينات من القرن الماضي حينما اصدرت قانون ما يعرف بتغيير القومية عندما اصدر مجلس قيادة الثورة العراقية المرقم 199 في 6-9-2001 واجبر الكثيرمن سكان الكورد في شنكال على تغيير قوميتهم الى العربية.
كانت عمليات تغيير الخارطة الادارية ضمن الاجراءات التي مارستها السلطة العراقية السابقة بحق ابناء قضاء شنكال حيث غيرت مناطق ادارية بهدف توطين المزيد من العرب في المنطقة .
الخاتمة
يشمل حدود هذه الدراسة قضاء شنكال ونواحية الادارية والذي يشمل ناحية مركز شنكال وناحيتي سنوني في الشمال والبعاج في الجنوب وناحية القيروان في الشرق اما الحدود الزمانية للبحث فيعود الى سنوات تاسيس الدولة العراقية عام 1921 ولحين سقوط النظام السابق في 2003.
بابەتی زیاتر