تاريخ الفكر الكردي
تاليف: فاضل كريم احمد (ماموستا جعفر)
ترجمة عن اللغة الكردية: د. بندر علي المندلاوي
من مطبوعات اكاديمية التوعية وتاهيل الكوادر (الاتحاد الوطني الكردستاني)
مقدمة
ان الفكر الكردي ، والفكر الالماني، والفكر الفارسي، والفكر التركي والفكر الفرنسي، جميعها تعاني من مشكلة واحدة، اذ ليس هناك فكر يحمل طابع امة او شعب واحد فقط، ولم يتاثر بافكار الشعوب المجاورة له، او البعيدة عنه، لان الفكر ينتقل من بتامة الى اخرى، وكل امة تحاول، حسب ظروفها، اجراء تغييرات مناسبة على فكره او الفكر الذي ينتقل اليه، واضفاء طابعها الخاص عليه.
هذا الكتاب يحتوي على سبعة بحوث، كتبت ونشرت بين الاعوام(1992-2004م). في الحقيقة لم يدر في خلدي، في يوم ما، طبع هذه البحوث السبعة معا، ونشرها في كتاب واحد. وكم يكون جميلا لو يكتب تاريخ الادب الكردي من جديد، ويضاف اليه هذه البحوث الثلاثة التي كتبت عن (نالي ومولوي وحاجي قادري كويي)، مع بحوث اخرى عن (خاني وخاناي قوبادي وسالم وكوردي والشيخ رضا الطالباني ومحوي والشيخ نوري وكوران ..... الى اخره من الشعراء الكرد.
فنحن الكرد، بحاجة ماسة، في الوقت الحاضر، الى مؤسسة لاحياء التراث الثقافي لامتنا، والمحافظة عليها، ولدراسة تاريخنا وفهمه، واستعادة الوعي والشعور بالمسؤلية، والانتصار على عقدة الشعور باالنقص، والتعود على حياة العبودية والتشرد والاحتلال.
*انا على ثقة، انه توجد، بين الكرد ومنذ فترة طويلة، درجة كبيرة من الوعي والادراك والتعلم والثقافة والشعور القومي، لو ساعدها الجانب الاقتصادي، لكان قد اسس دولة راسخة دائمة في عموم كردستان كافة. فلو طرحنا من المعادلة الجانب الاقتصادي، نجد ان قدرة الكرد على بناء الدولة، مقارنة مع اليمن والحبشة، هي اعلى واكثر.
*اذا كان من حقنا منح لقب (( اكبر عقل هندسي ميكانيكي في العالم))، لواحد من العلماء في عموم كردستان، في القرون الوسطى، فهذا اللقب السحري، سيكون من نصيب(ابن الرزاز الجزري) بلا منازع. فهو رائد في عالم التجربة والاختبار النظري الميكانيكي، ولم يسبقه احد في هذا الميدان.
*تجربة الحكم الكردي التي سبقت(1850م) لم تحظ باهتمام كبير من لدن المؤرخين والباحثين، من ابناء الشعوب الاسلامية المجاورة، وكذالك من المستشرقين، بل حتى من المؤرخين والباحثين الكرد انفسهم، ويظهر هذا من قلة الكتب والدراسات والبحوث التي تناولت هذا الموضوع. وقد ادى هذا الاهمال وقلة الكتابة عن تجربة الحكم الكردي، قبل هذا التاريخ، الى ضعف التراث السياسي الكردي، والى عدم قراءة فكره السياسي والاطلاع عليه، بصورة جيدة.
*قبل ما يقارب من (400) عام، الف البدليسي كتاب (الشرفنامة ). وكان هذا النتاج الرائع ل(البدليسي) نقطة مضيئة ومشرقة في تاريخ الشعب الكردي، ولم يظهر لحد اليوم عمل اخر يوازيه او يساويه في الاهمية والمكانة.
*من كان يريد ان يكتب عن التاريخ، او الحياة الاقتصادية، السياسية، الادبية، الفنية لكردستان، في القرون الوسطى، كان يضطر الى مراجعة الشرفنامة، والافادة منه كذالك نضطر ايضا الى اللجوء الى الشرفنامة من اجل كتابة بحث علمي عن المجتمع الكردي، في ذالك العصر، والا سيلد ذالك البحث معلولا غير معافى.
*الطبيعة الرئيسة التي سادت المجتمع الكردستاني، الى منتصف القرن التاسع عشر، لم تكن تميل الى الاتحاد والتوحيد، بل كانت تدعو الى التمزق والتفرقة والاختلاف، في حدود الامارة والقبيلة والعشيرة والطائفة، ولم تظهر قوة فكرية سياسية، او قوة عسكرية متكاملة، تستطيع جمع كل السلطات والقوى الصغيرة والمتفرقة ضمن اطار سياسي متحد.
*ان سوق الادب والفكر والوعي، تمر بمرحلة الكساد والركود، وليس هناك من امير يلتفت الى الشعراء والمفكرين، لان الناس تخلوا عن الحياة الروحية والمعنوية، وغدوا عشاقا للقيم المادية، ومحبين للدينار والدرهم، وهذا رمز للانكسار الروحي والافلاس السياسي.
الخاتمة
احمد خاني هو احد الشعراء الكبار، في كردستان. وكان شاعرا وسياسيا ومثقفا، حلم بتاسيس دولة كوردية حرة. ونتيجة لما كان يؤديه من عمل، ويمارس من مهنة، وما له من صلات القربى والاختلاط بالطبقة العليا في المجتمع، وبالامراء المختلفين لامارة (بايزيد). كان مدركا، وعلى اطلاع بالظروف السياسية لامارة(بايزيد)، والامارات الاخرى، وبطبيعة المحتلين للدول الجارة.
بابەتی زیاتر