الطاقة
ومساهمتها في احتدام الصراع الدولي
في منطقة الشرق الاوسط
د.طارق كاكة رش محي الدين خضر
مكتب تنمية الفكر والتوعية
2021م
المقدمة
يحتل النفط اهمية كبرى في الاقتصاد الدولي، كونه يمثل سلعة اقتصادية واستراتيجية مؤثرة في العلاقات الاقتصادية الدولية، او طبيعة العلاقات مابين منتجي ومستهلكي النفط، اذ ان النفط يدخل ضمن دعائم التطور الاقتصادي، كونه القلب النابض في الصناعة المتقدمة بصورتيها التقليديو وغير التقليدية في ظل التطور التقني والرقمي، فضلا عن دوره في ديمومة الانشطة العسكرية لغالبية دول العالم.
حظيت منطقة الشرق الاوسط باهمية قصوى في حسابات الدول الكبرى، لما تتمتع به من غنى في مواردها الطبيعية وعلى راسها موارد الطاقة، حيث يشكل النفط والغاز احدى اهم مصادر الطاقة، التي تحتل مركزا استراتيجيا متزايد الاهمية في العالم المعاصر، فهو شريان الصناعة ووسائل النقل والاتصالات والانتاج، وادوات الحرب التقليدية ايضا، واهمية مصادر الطاقة ليست في حاجة الى تاكيد، فالنفط والغاز والمصادر الاخرى للطاقة ذات اهمية اقتصادية وسياسية، وتحظى باهتمام كل الدول المنتجة والمستهلكة لها على حد سواء.
*ان الاهمية الاستراتيجية للصراع الدولي على الطاقة ومصادرها جعل من الاقاليم الغنية بالطاقة ذات ابعاد تنافسية جيوا ستراتيجية للدول الكبرى، التي تسعى الى جعل هذه المناطق تدور في فلك مجالاتها الحيوية، وما يزيد من شدة التنافس بين الدول الكبرى هو الطلب المتزايد على مصادر الطاقة من قبل القوى الدولية، خصوصا الدول الصاعدة منها نتيجة التسارع في النمو الاقتصادي في تلك البلدان، مما يؤدي الى نتيجة وهي عجز الدول المصدرة للطاقة عند الايفاء بالتزاماتها تجاه الدول المستهلكة للطاقة، ولاسباب تتعلق بالتنمية والتعهدات في تحديد نسب الانتاج، والتي تؤدي الى مخاطر ذات بعد حقيقي تصيب اسواق الطاقة من حيث العرض والطلب، فضلا عن المخاطر فيما يخص تامين وصول الامدادات الى الدول المستهلكة عبر التهديدات بايقاف تلك الامدادات من قبل منافسين اقليميين.
* تعد الطاقة من اهم المقومات الضرورية لاستمرار الحياة على وجه الارض، لانها تدخل في جميع مجالات الحياة دون استثناء، وقد ادت دورا اساسيا في الحياة الاقتصادية العالمية منذ اقدم العصور، وذالك حسب منطق استهلاكها والحاجة اليها في كل مرحلة من مراحل هذه الحياة، فتنوعت مصادر الطاقة سواء كانت غير متجددة، ام متجددة، ويعد النفط والغاز من اهم هذه المصادر غير التجددة نظرا لاهميتها بالنسبة لدول العالم بشكل عام وللدول الصناعية والمتقدمة بشكل خاص، وذالك من اجل ان تواصل هذه الدول تطورها والحفاظ على قوتها الاقتصادية والعسكرية والتكنولوجية، حيث تعتبر الطاقة بشكل عام والنفط والغاز بشكل خاص هي المحرك الاساسي لسياسات الدول الكبرى.
*مصادر الطاقة غير المتجددة وهي المصادر التي اسهمت في اسعاف الانسانية بالتطور والتقدم الحاصلين في الحياة حاليا، اذ تمتاز تلك المصادر بانها (ناضبة)، اي سوف تنتهي في زمن معين ونتيجة لكثرة استخدامه ولمحدوديتها في الطبيعة، فانها تعد غير قابلة للتجدد، ولعل ابرز انواع هذه المصادر ما ياتي:
اولا- الفحم
ثانيا- النفط
ثالثا- الغاز الطبيعي
*مصادر الطاقة المتجددة او المستدامة او البديلة هي تعبير اقتصادي يدل على مصادر الطاقة الجديدة في المجتمعات الصناعية التي بامكانها ان تحل جزئيا او كليا محل النفط والغاز الطبيعي، ومصادر الطاقة التقليدية، وتقاس درجة تقدم اي مجتمع في عصرنا الراهن بدرجة قدرته على استعمال الطاقة البلدية في تلبية حاجاته الضرورية.
تنقسم الطاقة المتجددة الى ما يلي:
اولا- الطاقة الشمسية
ثانيا- طاقة الرياح
ثالثا- الطاقة الكهرومائية
رابعا- الطاقة النووية
خامسا- طاقة حرارة جوف الارض
سادسا- الطاقة البيولوجية
*تكتسب منطقة الشرق الاوسط اهميتها الاستراتيجية والاقتصادية من موقعها وثرواتها الطبيعية اللذين يمثلان جناحي القوة والقدرة لاي دولة تطمح في الهيمنة على العالم، وان منطقة الشرق الاوسط ذات الاتساع الواسع من حيث التحديد الجغرافي، اذ لا يتقيد بالابعاد الجغرافية للوحدات السياسية اي انه قابل ان يمتد ابعد من ذالك ليشمل الدول التي ترتبط سياسيا واقتصاديا او عسكريا او استراتيجيا بالشرق الاوسط، لا بد ان تولي لمنطقة الشرق الاوسط مكانه واهمية.
*تتبع اهمية الشرق الاوسط الاقتصادية من اكتشاف النفط فيه، والتي اعطت كل هذه الاهمية الدولية والعالمية لهذه المنطقة، فهي الى جانب كونها تتمتع بموقع استراتيجي وجيو سياسي وحساس بالنسبة للمنافذ المائية والبرية، تتمتع بمقدرات اقتصادية ونفطية ومالية هائلة؛ اذ تعد المنطقة الاولى في العالم التي تشكل محور الاقتصاد العالمي، بعدها نواة النفط العالمي، ومصدر قوة الحياة الصناعية طيلة عقود القرن المنصرف وحتى اليوم.
*الصراع من العوامل الديناميكية الاساسية في تكيف الفرد وهو يعني وجود تعارض بين دافعين يلحان على الاشباع ولا يمكن اشباعهما في وقت واحد، والصراعات في حياة الافراد كثيرة ولكن هذه الصراعات ليست على درجة واحدة من حيث شدة ضغطها على الفرد، وهذا يتوقف على اهمية الدوافع المتعارضة من جهة وقدرة الفرد على اتخاذ القرارات من جهة ثانية.
*تعد منطقة الشرق الاوسط ساحة للصراع الدولي والاقليمي؛ لما لها من اهمية من الناحية الاستراتيجية والجيوبولتيكية، مع وجود مصادر الطاقة فيها (احتياطات هائلة من النفط والغاز)؛ اذ ان موقع الشرق الاوسط في مركز الاهتمامات الدولية والاقليمية، قد اسهم في زيادة الصراع الدولي عليها، وذالك بسبب عدم توزيع مصادر الطاقة بشكل متوازن في بقاع الكرة الارضية؛ اذ ان خريطة التوزيع قد ادت الى سعي الدول الكبرى للاستحواذ على اكبر قدر من الفائدة منها، وهذا السعي للوصول الى مناطق توزيع الطاقة قد ولد نوعا من الصراع المعلن احيانا والخفي في احيان اخرى تحت عناوين مختلفة.
*من الدول العربية المنتجة والمصدرة للنفط
1- مصر
2- العراق
3- البحرين
4- السعودية
5- الكويت
6- قطرر
7- الامارات العربية المتحدة
8- عمان
9- سوريا
10- اليمن
11- الاردن
12- لبنان
ومن الدول الغير عربية المنتجة للنفط والغاز
1-ايران
2-تركيا
3-اسرائيل
*اعلنت الولايات المتحدة الامريكية ان لايران برنامجين نوويين، احدهما(معلن) ابلغته الى الامم المتحدة، وهدفه انتاج الطاقة النووية واستخدامها في المجالات السلمية، والاخر سري يهدف الى انتاج الاسلحة النووية، وهو ما يمثل الهدف النهائي لايران في سعيها لامتلاك التكنولوجيا. واعلنت واشنطن، كما جاء على لسان رئيسها (بوش)، ان قلقها المتزايد تجاه البرنامج النووي الايراني يرجع الى ان هذا البرنامج يضر بالسلام والاستقرار في منطقة الشرق الاوسط، وان امتلاك ايران قدرات نووية يمثل تهديدا لامن المنطقة، لا سيما ان احد اهداف ايران المعلنة هو تدمير اسرائيل، وبناء على تلك الرؤية فقد سعت الولايات المتحدة الى فرض ضغوط على ايران لتحديد برنامجها النووي.
*ان اسرائيل حسب المعلومات المتوفرة تمتلك عدة مفاعل ومختبرات نووية ابرزها وهي:
1- مفاعل ناحاك سوريك
2- مفاعل ريشيون ليزيون
3- محطة ديمونا النووية
4- مفاعل النبي روبين
5- مفاعل جامعة بن غوريون في النقب
6- مختبرات الخلايا الساخنة
7- مصنع فصل البلوتونيوم
*يعود تطلع الدول العربية في منطقة الشرق الاوسط لتبني مشاريع الطاقة المتجددة، وبالرغم من وجود مشاريع منفذة مسبقا في هذا القطاع الى ارتفاع نسب الاستهلاك المحلي في المنطقة، فضلا عن ارتفاع مستوى الوعي البيئي وادراكها حجم المخاوف البيئية، وعكفها على تنفيذ مبادرات في الطاقة المتجددة، وهنالك دول عربية استخدمت طاقة الرياح  لانتاج الطاقة الكهربائية، وانشاء مزارع كبيرة لانتاج هذه الطاقة فيه بصورة تجارية، مثل (مصر، سورية، الاردن).
*الصراع الدولي ، احد اهم ظواهر العلاقات الدولية، ذو طبيعة متغيرة ومتطورة من حيث اشكاله، اطرافه، حجم المصالح المتصارع عليها ودرجة استعداد الفاعلين للدخول فيه، فالصراع كظاهرة اجتماعية، سياسية، عسكرية قد تغير في جوانب كثيرة بفعل التطورات خاصة على صعيد التطور التكنولوجي، ومع ان اشكال الصراع وادواته ونمط توظيف هذه الادوات قد تباينت من مرحلة تاريخية الى اخرى، ومن مجتمع الى اخر، لكن جوهر الصراع بقي، تقريبا، كما هو.
*اتخذت روسيا سلوك سياسي تنافس خلال علاقاتها مع الولايات المتحدة وذالك من خلال استغلال الفرص الناتجة عن تورط الولايات المتحدة في احداث الشرق الاوسط في تلك الفترة كالعراق وافغانستان وايران "بشان البرنامج النووي" والموكد بالنسبة للعلاقات الامريكية الروسية هو انه بالرغم من تعدد ادوات التنافس بين الدولتين الا ان مناطق النفوذ الاستراتيجي في العالم مختلفة لكليهما ولذالك فان الولايات المتحدة تجد في الشرق الاوسط مجالها الحيوي والاستراتيجي حيث نظرت واشنطن اليه من خلال علاقاتها التنافسية مع روسيا، اما روسيا فقد نظرت اليه لى انه مجال حيوي لكسب الفرص في الحصول على مكاسب اقليمية في اسيا ومكاسب في اوروبا في نطاق المنظمات الدولية والاقليمية الاقتصادية والامنية كما انها تنظر الى جوارها القريب كمجال حيوي استراتيجي وجزء من المصلحة القومية، ولذالك فهي تنظر الى علاقاتها مع الولايات المتحدة في هذه المنطقة على انها دولة منافسة، والاتحاد الاوروبي هو ذالك الجوار القريب.
*ان روسيا تلعب دورا مباشرا في الازمة السورية التي اصبحت لعبة تنافس بينها وبين الولايات المتحدة الامريكية، حيث تحاول روسيا جاهدة استرجاع امجاد الاتحاد السوفياتي السابق لذا تهتم روسيا بشكل خاص بسوريا من اجل حماية مصالحها الاستراتيجية.
*ان الحديث عن التنافس الامريكي – الروسي في مجال الطاقة في منطقة الشرق الاوسط لا يمكن حصره فقط في علاقات الشراكة التي يسعى كل طرف الى تحقيقها مع دول المنطقة الغنية بالتفط والغاز، بل يتعداه الى ما يعرف بصراع انابيب الطاقة، وبيع الاسلحة وتجارة السلع، لما تمثله المنطقة من قلب للعالم، اذ يعد مفتاح التوازنات الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية في العالم.
*الحقول التي اعلنتها السلطات الاسرائيلية في العام 2009 فيها كميات كبيرة من الغاز قبالة سواحلها الشمالية، على النحو التالي
1-حقل تمار 2- حقل دليت 3- حقلا ليفثان 4- حقل الون
*لاشك في ان اكتشاف الغاز الاخيرة سواء في اسرائيل او بقية دول الشرق الاوسط (قبرص، سوري، لبنان، وحتى مصر) وكذالك الاكتشافات النفطية المتوقعة قد تؤدي الى ظهور منافس قوي لامدادات الطاقة الروسية والامريكية لاوروبا لعدة اسباب:
اولا: خوف اوروبا المزمن من النفوذ الروسي المحتمل بسبب امدادات الطاقة وعدم اطمئنانها لكل المشاريع البديلة لامداد الطاقة من اسيا الوسطى وقزوين والعراق والخليج (قبل ان تنتهي لاحقا) لانها تجعل اوروبا تحت تهديد ابتزاز اردوغان وسياساته العدائية تجاه اوروبا والغرب وتحديد الدائم لكل معايير حقوق الانسان في المنطقة وفي بلده.
ثانيا: عدم تحبيذ اوروبا لامدادات الغاز الامريكي بسبب ارتفاع كلفة الانتاج والامداد مما يشكل مازقا اقتصاديا امام معدلات الاستهلاك في اوروبا.
ثالثا: عدم وصول اوروبا الى قدرة الاكتفاء الذاتي من مشاريع الطاقة الخضراء والطاقة المستدامة وغيرها حتى عقودا اخرى قادمة غير محددة بشكل دقيق.
رابعا: سهولة ايصال مصادر الطاقة من دول الشرق المتوسط الى اوروبا عبر البحر المتوسط ودون المرور بمحطات غير مرغوب فيها من دول اخرى وهذا ما يؤدي الى وضع (اصابة عدة عصافير بحجر) فهو يحرر اوروبا من الاعتماد على غاز موسكو ومشاريع انقرة ويجعل لاوروبا تاثير اوسع في مسارات السياسية والتنمية في دول شرق المتوسط والتي تعتبر لب صراعات الشرق الاوسط واخطر دولة ( الحرب السورية، لبنان، القضية الفلسطينية، ازمة الديمقراطية في مصر...الخ).
*عانى الشرق الاوسط منذ مطلع القرن العشرين، "لعنة المداخيل" التي سمحت بزيادة ثروات عدة بلدان مصدره للنفط، لكنها جعلته مسرحا لصراع القوى العالمية التي تبغي السيطرة على مصادر الطاقة، وعلى الرغم من ضخامة المحفظات المالية للعديد من دول الشرق الاوسط، التي تمتلك مع المغرب العربي حوالي 60% من احتياطات النفط السائل و45% من احتياطات الغاز العالمية، مازالت الاخيرة غير محتسبة ضمن خريطة العولمة الدولية.
الخاتمة
ما من شك في ان النفط والغاز وموارد الطاقة هي من اهم عناصر الجذب التي تستقطب نفوذ الدول وصراعاتها، لا سيما منطقة الشرق الاوسط بابعادها الاستراتيجية وبثرواتها الطبيعية وبممراتها المائية، وقد شكلت منطقة الشرق الاوسط عامة، نقطة استقطاب استراتيجية منذ سنوات طويلة للعديد من الدول، التي تتنافس في سباق محموم في الصراع على مصادر الطاقة، وكذالك جعل العديد من دول المنطقة ذات تاثير يتعاظم بابعاده الجيوسياسية على خريطة التحالفات في منطقة الشرق الاوسط.







 

بابەتی زیاتر

Copyright © 2024. Hoshyary.com. All right reserved